مشاهد أخروية-16-مشاهد القيامة الكبرى
– النفخ في الصور1
تصور نفسك في لحظة من أجمل اللحظات أن
تكون في خروج بعيد أو عمليٍ قريب وتقبل فيها عائداً إلى أهلك وخلانك وأحبابك وتجد
نفسك لا تستطيع العودة إلى أهلك , ومن أهيب اللحظات عندما تقبل على أمرٍ جلل فتشرع
بوصية أهلك بما ينفعهم وتحب أن يكونوا فيه وقد لا تستطيع, ومن أعجب اللحظات أن
تذهب إلى سوق لتشتري ثوباً تساوم بائعه في ثمنه وقد فرشه أمامك فلا تستطيع شراءه
ولا يقدر هو على إعادة طي ذلك الثوب, تصور أن تجد نفسك وأنت ترى أقرب الناس إليك
نسباً وقرابة فلا تجد أثراً لنسب أو قرابة.
كل تلك الأمور تحدث عندما يأذن الله
بفناء الدنيا بأسرها, ويأمر نافخ الصور أن ينفخ فيه. يقول سبحانه: {مَا
يَنْظُرُونَ إِلَّا صَيْحَةً وَاحِدَةً تَأْخُذُهُمْ وَهُمْ يَخِصِّمُونَ فَلَا
يَسْتَطِيعُونَ تَوْصِيَةً وَلَا إِلَى أَهْلِهِمْ يَرْجِعُونَ}[يس: 49-50], ويقول
سبحانه: {فإذا نفخ في الصور فلا أنساب بينهم يومئذ ولا يتساءلون}[المؤمنون:101],
والنبي صلى الله عليه وسلم يقول في أحداث النفخ في الصور: "وَلَتَقُومَنَّ
السَّاعَةُ وَقَدْ نَشَرَ الرَّجُلاَنِ ثَوْبَهُمَا بَيْنَهُمَا فَلاَ
يَتَبَايَعَانِهِ، وَلاَ يَطْوِيَانِهِ، وَلَتَقُومَنَّ السَّاعَةُ وَقَدِ
انْصَرَفَ الرَّجُلُ بِلَبَنِ لِقْحَتِهِ فَلاَ يَطْعَمُهُ، وَلَتَقُومَنَّ
السَّاعَةُ وَهُوَ يَلِيطُ حَوْضَهُ فَلاَ يَسْقِي فِيهِ، وَلَتَقُومَنَّ
السَّاعَةُ وَقَدْ رَفَعَ أَحَدُكُمْ أُكْلَتَهُ إِلَى فِيهِ فَلاَ يَطْعَمُهَا
".
أيها الأحبة أيتها الفضليات: مع الحلقة
السادسة عشر من مشاهد أخرورية ومشهد النفخ في الصور.
والمحصل النهائي الذين نريد أن نصل
إليه من خلال الحديث عن هذا المشهد أن نضع نصب أعيننا أموراً من أهمها:
1 – قدرة الحق سبحانه على التحكم في
هذا الكون في أقل من لمح البصر.
2 - أنه لا مكان لنسب ولا لعراقة أمام
موازين هذا الدين العظيم, فلا أنساب بينهم.
3 - أن لنفخ الصور أثراً يثير الفزع في
النفس, والمقصود من هذا الفزع إعادة الناس إلى القيم الربانية.
4 - أن هذا الفزع والخوف يصيب أقرب
الخلق إلى الله: النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: " كَيْفَ
أَنْعَمُ وَقَدِ الْتَقَمَ صَاحِبُ الْقَرْنِ الْقَرْنَ، وَحَنَى جَبْهَتَهُ،
وَأَصْغَى سَمْعَهُ يَنْظُرُ مَتَى يُؤْمَرُ " قَالَ الْمُسْلِمُونَ:
يَا رَسُولَ اللهِ، فَمَا نَقُولُ؟ قَالَ: " قُولُوا: حَسْبُنَا اللهُ
وَنِعْمَ الْوَكِيلُ عَلَى اللهِ تَوَكَّلْنَا ".
برنامجنا العملي الليلة: أن نكثر من
قول حسبنا الله ونعم الوكيل.