مشاهد أخروية-9-مشهد الموت – حدود
الموت الثلاثة- الطبيعة الجمالية للموت2
يقول الله تعالى: {الَّذِينَ
تَتَوَفَّاهُمُ الْمَلائِكَةُ طَيِّبِينَ يَقُولُونَ سَلامٌ عَلَيْكُمْ ادْخُلُوا
الْجَنَّةَ بِما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ}[النحل: 32], قال المفسرون: طيبة نفوسهم
بلقاء الله، معافين من الكرب وعذاب الموت. «يَقُولُونَ: سَلامٌ عَلَيْكُمْ» طمأنة
لقلوبهم وترحيباً بقدومهم «ادْخُلُوا الْجَنَّةَ بِما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ»
تعجيلاً لهم بالبشرى، وهم على أعتاب الآخرة، جزاء وفاقاً على ما كانوا يعملون.
ويقول سبحانه في مشهد جمالي عظيم: {
فَأَمَّا إِنْ كَانَ مِنَ الْمُقَرَّبِينَ * فَرَوْحٌ وَرَيْحَانٌ وَجَنَّتُ
نَعِيمٍ * وَأَمَّا إِنْ كَانَ مِنْ أَصْحَابِ الْيَمِينِ * فَسَلَامٌ لَكَ مِنْ
أَصْحَابِ الْيَمِينِ}[الواقعة: 88-91 ].
أيها الأحبة أيتها الفضليات: أنا هنا
لا أحب أن أزين الموت للنفوس بقدر ما أود أن أقول لنفسي وأخواني وأخواتي أن
في الموت جانباً غائباً عنا لا نحياه وإنما دائماً نعيش الخوف المحبط لبعض النفوس,
نحن نريد أن نعرف أن الموت انتقال إلى دارٍ أخرى نرسم نتائجه من الآن ونختار الطرق
المؤدية إلى الجمال فيه.
ومما يبين هذا الجمال حديث البراء
الصحيح: أنه يُسْأل العبد المؤمن في قبره فيقال له: وما عِلْمك؟ فيقول: قرأت كتاب
الله؛ فآمنت به وصدقت. فينادي مناد من السماء أنْ صدق عبدي؛ فأفرشوه من الجنة،
وافتحوا له بابا إلى الجنة؛ فيأتيه من رَوْحها وطيبها! ويفسح له في قبره مد
البصر!.. ويأتيه رجل حسن الوجه، حسن الثياب، طيّب الرائحة، فيقول: أبشر بالذي
يَسُرُّك! هذا يومك الذي كنت توعد، فيقول له: من أنت فوجهك الوجه يجيء بالخير،
فيقول: أنا عملك الصالح، فيقول: رَبِّ أقِمِ الساعة! رب أقم الساعة! حتى أرجع إلى
أهلي ومالي!) يعني: أهله وماله في الجنة.
أيها الأخ الحبيب أيتها الأخت الفاضلة:
لقد عاش مجموعة من عباد الله هذا الجمال لحظة موتهم وأنسوا به, فمثلاً حرام بن
ملحان رأى ذلك الجمال لحظة استشهاده فقال: اللهم خذ من دمي اليوم حتى ترضى, وأنس
بن النضر عاش هذا الجمال فقال أني أشم رائحة الجنة دون أحد.
برنامجنا العملي الليلة: اجلس جلسة
تأمل الليلة مع نفسك وهب أنك نزلت بك لحظة احتضارك فما أبرز عمل يمكن أن تتجمل به
إلى ربك.